الجمعة، 9 مايو 2008

انتخابات شارونية( الاوضاع الجديدة بايطاليا)


كتبت أسماء عايد بجريدة المصريون: بتاريخ 9 - 5 - 2008

لا شيئ يشغل الناس هذه الأيام في ايطاليا غير الانتخابات .. و معظم من استمعت إليهم هنا يصفونها بأنها الانتخابات الأكثر مللا في تاريخ ايطاليا لعدم تطرقها إلي مسائل جوهرية خاصة بالشعب الإيطالي .. فهي فقط تمحورت حول حرب كلامية بين المرشحين لرئاسة الحكومة ..اليميني "سيلفيو برلسكوني" و اليساري "فالتر فلتروني" .
و تتنافس أربعة أحزاب في الانتخابات التشريعية حيث تذهب أصوات اليمين الي التحالف بين "شعب الحرية" و "رابطة الشمال" فيما تتوزع أصوات اليسار بين الحزب "الديموقراطي" و " يسار قوس قزح" .. و كانت الاستطلاعات ترجح فوز برلسكوني زعيم حزب "شعب الحرية" و استطلاع كهذا يحزنني و يحزن اي مسلم بل و اي اجنبي مقيم علي الاراضي الايطالية خاصة بعد اعلان برلسكوني بالتحالف مع عصبة الشمال المعروف بعدائه للاسلام.. و انا هنا و اري بنفسي السيارات و العربات الضخمة التابعة لعصبة الشمال..العربات مغلفة بمنشورات فيها دعوات صريحة لمحاربة المهاجرين امثالنا.. و قد اشار "حمزة بيكاردو" – الامين العام لاتحاد الجاليات و المنظمات الاسلامية في ايطاليا- ان فوز برلسكوني سيزيد من حجم المشكلات و التعقيدات التي يواجهها المسلمون هنا .. و ربما يتعرض بعضهم للاقصاء و الطرد .
و برأيي تصرفات كهذه لا يستغرب صدورها من رجل سياسة كبرلسكوني خاصة بعد ان وضع يده-في الانتخابات السابقة - في يد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق "ارييل شارون" -ذلك القبيح الذي قتل و نهش فينا- و بعد لقاءهما –الشيطاني- نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية وقتها استطلاعها عن الانتخابات الايطالية مؤكدة و مستبشرة: ان برلسكوني هو الفائز فيها و قد فاز وقتها بالفعل كما فاز في الانتخابات الحالية .
و لم لا يفوز؟! و قد اعرب انه يشعر بآلام و معاناة الشعب الاسرائيلي و شعوره هذا يحثه دائما علي ان يكون اكثر قربا من اسرائيل !!
و توارد افكارهما – شارون و برلسكوني- ظهر ايضا في حزب التحالف الوطني اليميني الذي رشح 3 سيدات يمثلن الاديان السماوية في الانتخابات.. اذ تخوض كل من المرشحة المسلمة المدافعة عن حقوق المرأة المسلمة " سعاد السباعي" و ممثلة الدين المسيحي"ايوجينا روتشيلا" و اليهودية " فياما نيرنيشتاين" و التي تعمل بصحيفة " لا ستامبا" الايطالية..و في الوقت الذي ركزت فيه المرشحة المسلمة علي ضرورة البحث عن اندماج حقيقي لا تنازل فيه بين الجالية الاسلامية و المجتمع الايطالي ..اقحمت المرشحة اليهودية القضية الفلسطينية من وجهة نظر اسرائيلية.. مدافعة عن سياسة الدولة العبرية ..و صراحة لا ادري كيف يتخيلون انفسهم ابرياء ! و لا ادري ايضا كيف لا يرون ايديهم الملطخة بدمائنا !! او كيف حتي يطيقون انفسهم ! فحسبنا الله و نعم الوكيل مليارات مليارات المرات في هؤلاء .. الاحياء منهم و الاموات...
و غم قيام السلطات الايطالية بترحيل عدد من الائمة المسلمين بعد اتهامهم بأنهم يمثلون خطرا علي الامن القومي الايطالي ! او انهم يقومون باطلاق تصريحات متشددة في المساجد الايطالية ! او يجمعون تبرعات لتحويل حركات اصولية !! إلا ان كثيرا من المسلمين الايطاليين ينظرون الي هذه الاجراءت التعسفية علي انها تأتي في اطار ما يسمي في الغرب " بالخوف من الاسلام" او الاسلاموفوبيا و الدليل علي ذلك ان هذه الاجراءات تتم دون محاكمة ..
لكننا في الشهر الماضي نجحنا بفضل الله في افتتاح مدرسة جديدة بميلانو - بشكل قانوني- لاعداد و تأهيل الائمة و يصل عدد الدارسين فيها حتي الان 50 اماما و نرجو ان يكتب لها الاستمرار حتي نتمكن من تأسيس رجال يحملون نشر رسالة الاسلام امام الغرب و امام العالم اجمع .
و لم يمر شهر علي فوز برلسكوني حتى اعلن احصائيات العهد الجديد .. وعن خططه –بواسطة جوليانو اماتو و زير الداخلية- بوضع مشكلة الاجانب بوجه عام و المسلمين بوجه خاص في مقدمة اول 10 مشكلات يجب ان تسعي الدولة لحلها .. فقد دلت الاحصائية الاخيرة ان واحد بين كل ثلاثة ايطاليين ضد انشاء مساجد جديدة للمسلمين علي الاراضي الايطالية و ذلك بحجة :1 –ان ذلك يخالف ثقافة الشعب الايطالي الكاثوليكي . 2 – الخطر من حدوث عمليات ارهابية او الترويج لها !!
و صراحة لا ادري لماذا يتم سلب حقوقنا داخل اوطاننا و خارجها ؟! و لماذا لا تبني لنا في الدول الغربية مساجد كتلك الكنائس التي تملأ مصر و كل الدول الاسلامية الاخري !!
و الغريب انه في نفس اليوم و بنفس الصحيفة الايطالية التي قرأت بها احصائية جوليانو اماتوا.. قرأت ايضا مقالة لكريستينا نادوتتي عن قرار اشرف زكي –نقيب السينمائيين بمصر- بمنع اي ممثل عربي غير مصري بتقديم اكثر من عمل فني واحد في العام .. و رغم انني لا يعنيني كثيرا الفن و اهله.. ذلك ان المنظومة الاعلامية العربية كلها تحتاج الي اعادة هيكله ! لكن احزنني فشلنا في تنسيق اتحاد عربي و لو لمدة ساعات عرض فيلم سينمائي او مسلسل تليفزيوني ..!!
و ها هي كريستينا-الصحفية الايطالية- تسخر في سطور مقالتها من عنصريتنا ضد بعضنا البعض حتي في الفن ! فأسخري كما شئت يا كريستينا و اسخر ايضا يا برلسكوني و اسخروا جميعا منا .. اسخروا تلك السخرية السوداء التي تنهش فينا كما ينهش الصدأ الحديد .. و شكرا لمن علمني معني "السخرية السوداء" فقد كنت اراها بيضاء ككل الاشياء .
بقلم /أسماء عايد

ليست هناك تعليقات: